- الأنـــــــواء عنـد العــرب قبـل الاســـلام
حميد العامري
اهتم العرب وغيرهم من الأمم بالقمر اهتماما كبيرا وأولوه الأهمية القصوى، وانزلوه بمنزلة خاصة لم تكن لسواه من الأجرام السماوية الأخرى ، فجعلوا له ثمانية وعشرون منزلا تمثل اقرب النجوم إليه لتكون علامات لمسيره ، فيهتدون بذلك إلى موضعه في كل ليلة من ليالي الشهر القمري .
ينزل القمر في أحد هذه المنازل المنسوبة إلى نجم معين لفترة ثلاثة عشر يوما، فيسقط ذلك النجم عند وقت الفجر في اتجاه المغرب قبل شروق الشمس ، بينما يطلع رقيبه في جهة المشرق ، وقد وضعوا لهذا النجم الساقط اسم النوء ، ونسبوا اليه كل الحوادث الطبيعية التي تجري من أمطار ورياح وحر وبرد وجفاف خلال فترة الثلاثة عشر يوما " فان مضت مدة سقوط النجم،ولم يكن فيها مطر،قيل خوى نجم كذا ، وأخوى، وأخلف ، إذا لم يكن في نوئه مطر".
والنوء في اللغة : ناءَ بِحِمْلِه يَنُوءُ نَوْءاً وتَنْوَاءً نَهَضَ بجَهْد ومَشَقَّةٍ وقيل أُثْقِلَ فسقَطَ فهو من الأَضداد وكذلك نُؤْتُ به ويقال ناءَ بالحِمْل إِذا نَهَضَ به مُثْقَلاً وناءَ به الحِملُ إِذا أَثْقَلَه ، والنوء هو النجم إِذا مال للمَغِيب والجمع أَنْواءٌ ونُوآنٌ ، والمُسْتَنَاءُ الذي يُطْلَبُ نَوْءُه.
وقد أصطلح على أن النوء : هو سقوط النجم من المنازل وقت الفجر في جهة المغرب مترافقا مع طلوع رقيبه الذي يقابله في جهة المشرق ، ليسقط أيضا بعد مرور ثلاثة عشر يوماً وهكذا حتى تنقضي السنة فيكتمل سقوط النجوم من الثمانية والعشرون منزلا. "وذكر أن من طلوع كل نجم إلى طلوع رقيبه، وهو النجم الآخر الذي يليه ثلاثة عشر يومًا ، وهكذا كل نجم منها إلى انقضاء السنة، ما خلا الجبهة، فإن لها أربعة عشر يومًا ، فتنقضي جميعها مع انقضاء السنة ، وذلك لتكمل السنة ثلاثمائة وخمسة وستين يومًا."
وإِنما سُمِّيَ نَوْءاً لأَنَّه " إِذا سقط الغارِبُ ناءَ الطالِعُ وذلك الطُّلوع هو النَّوْءُ وبعضُهم يجعل النَّوْءَ السقوط كأَنه من الأَضداد، ولم يُسْمع في النَّوْءِ أَنه السُّقوط إِلا في هذا الموضع وكانت العرب تُضِيفُ الأَمْطار والرِّياح والحرَّ والبرد إِلى الساقط منها" ، وقيل ان النوء اسم المطر الذي يكون مع سقوط النجم، لأن المطر نهض مع سقوط الكوكب، واسم الكوكب الساقط النوء أيضاً، فالشيء إذا مال في السقوط يقال: ناء، وإذا نهض في تناقل يقال ناء به ، وكانوا إذا أرادوا الوقوف على ظواهر الجو لجأوا إلى العالمين بالأنواء، وكانوا إذا أرادوا التعبير عن خبير بها، قالوا مثلًا :
"ما بالبادية أنوأ منه، أي : أعلم بالأنواء منه" . وذكر أهل الأخبار أن "الحارث بن زياد بن ربيع"، لم يكن في الأرض عربي أبصر منه بنجم . واعتقاد راسخ مثل هذا في الكواكب والنجوم، لا بد أن يحمل الجاهليين على تتبع ما ورد عند الأمم الأخرى من علم الأنواء، للاستفادة منه في حياتهم العملية، وقد عاش بينهم عدد كبير من اليهود، ولهؤلاء علم أيضًا بالأنواء ، ولهم اهتمام بهذا العلم ، لما له من علاقة بشئونهم الدينية ، ثم كان بينهم نصارى وقفوا على هذا العلم أيضًا ، وكان هؤلاء قد هضموا علم الشرقيين به وطعّموا علمهم ، وتعلم الشرقيين ما ورد في كتب اليونان واللاتين من علم .
منـازل القمـر
كل منزل من المنازل الثمانية والعشرون يمثل مجموعة من الكواكب ينتسب إليها ، فيما قسموا هذه المنازل على فصول السنة فكانت منازل الربيع هي : الشَّرَطانِ ، البَطِينُ ، الثريا ، الدَّبَرانُ ، الهَقْعَةُ ، الهَنْعَةُ ، الذراع . ومنازل الصيف هي : النَّثْرَةُ ، الطَّرْفُ ، الجَبْهةُ ، الزبرة ، الصَّرْفَةُ ، العَوَّاءُ ، السِّماكُ . وأما منازل الخريف فهي : الغَفْرُ ، الزُّبانَي ، الإِكْليلُ ، القَلْبُ ، الشَّوْلةُ ، النَّعائمُ ، البَلْدَةُ . فيما كانت منازل الشتاء هي : سَعْدُ الذابِحِ ، سَعْدُ بُلَعَ ، سَعْدُ السُّعُود ، سَعْدُ الأَخْبِيَةِ ، الفَرْغ المُقَدَّمُ ، الفَرْغ المُؤَخَّرُ ، بطن الحوت .
ومنازل القمر " تبدوا للناظر منها في السماء أربعة عشر منزلا ، وتخفى عنه أربعة عشر منزلا ، وكلما غاب منها واحد في المغرب طلع من المشرق رقيبه"، وهذه المنازل كانت معروفة عند العرب وغيرهم من الفُرْس والروم والهند .
المصادر/
الازمنة والأنواء
الأزمنة والأمكنة
المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام
لسان العرب
الاشتقاق
تاج العروس
التعليم المهني في محافظة كربلاء المقدسة